"بيت الموسيقى" ينهي العام الأول من مشروع "التمييز الإيجابي للأطفال"؛ لأن الموسيقى هي لكلّ الناس!

نسخ الرابط مشاركة فيسبوك مشاركة الواتسآب

 اختتمت جمعية "بيت الموسيقى" يوم الأحد الماضي 27.6.2010 مشروع "التمييز الإيجابي للأطفال" بدعم من مؤسسة التعاون بحفل موسيقي حضره الطلاب المشاركين في المشروع، رئيس بلدية شفاعمرو السيد ناهض خازم، الآنسة نجلاء عثامنة منسقة مشاريع مؤسسة التعاون في الداخل، مدير عام بلدية شفاعمرو السيد عمر الملك، عضو البلدية ومدير قسم الثقافة والفنون السيد أحمد حمدي، مفتش المعارف السيد حمد طربية، القائم بأعمال رئيس البلدية السيد جريس حنّا وأهالي الطلاب المشاركين في المشروع.

كانت انطلاقة مشروع "التمييز الإيجابي للأطفال" العام الماضي، حيث بدأت عندها جمعية "بيت الموسيقى" مسارًا جديدًا ضمن مساراتها الموسيقية التربوية وهو العمل الجماهيري، إذ افتتحت الجمعية بدعم من مؤسسة التعاون مشروع "التمييز الإيجابي للأطفال"، والذي يعتبر بمثابة المشروع الأول في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل الذي منح الفرصة لـ 60 طالبًا موهوبًا من المدارس الابتدائية في شفاعمرو وعبلين، والتي لم تسنح لهم الفرص من قبل، بتعلم العزف الموسيقي.

هدف مشروع التمييز الإيجابي للأطفال إلى اكتشاف المواهب الموسيقية لدى 60 طالب وطالبة من شفاعمرو وعبلين والذين يعانون من انعدام الفرص التي تمكنهم من اكتشاف مواهبهم والعمل على تطويرها وتمكينها في حياتهم، هدف المشروع أيضًا إلى العمل على الهوية الثقافية الفلسطينية لدى الطلاب من خلال الموسيقى وتقوية الانتماء إليها من خلال التعرف أكثر إلى الموروث الموسيقي العربي والفلسطيني، وبالمقابل إلى كشف هؤلاء الطلاب على تجارب موسيقية مختلفة في كونسرفتوار "بيت الموسيقى" ومن خلال عروض موسيقية عديدة.

على مدار السنة الدراسية حصل الطلاب المشاركون على دروس موسيقية أسبوعية فردية. تم اختيار الطلاب من خلال اختبارات موسيقية أساسية أقامها وأشرف عليها طاقم مهني من كونسرفتوار "بيت الموسيقى"، والذي بدوره زار المدارس الابتدائية المختلفة في شفاعمرو وعبلين واختيار ما يقارب 5 إلى 6 طلاب من 9 مدارس ابتدائية. اندمج الطلاب الذين تم اختيارهم في المسار التعليمي وبدؤوا بالتعلم على مجموعة متنوعة من الآلات الموسيقية منها؛ فلوت، كلارنيت، ناي، قانون، إيقاعات، عود، كمان وتشيلو.



في حديث مع مدير "بيت الموسيقى"، السيد عامر نخلة، قال:"نستطيع اليوم أن نقول بأننا فخورون من نتائج المشروع ولما وصل إليه الطلاب موسيقيًا في فترة قصيرة نسبيًا، إضافة إلى أن الموسيقى قد تحولت إلى جزء مهم من حياتهم، حيث قمنا أيضًا بمرافقة المسيرة التعليمية لكلّ منهم وملاحظة التغيير الإيجابي الذي حصل عليهم عن كثب، حيث استطعنا معرفة كيف أثرت الموسيقى إيجابيًا على حياتهم بكافة جوانبها؛ الشخصية، الاجتماعية، التعليمية، العائلية".

ضمّ الطاقم التدريسي معلمين ومعلمات من "بيت الموسيقى" وقسم آخر انضم إلى الكونسرفتوار أبان افتتاح المشروع، من خلال الحديث مع أغلبيتهم، كان واضحٌ تأثرهم من رؤية طلابهم وبعد فترة قصيرة نسبيًا يعزفون أمام جمهور كبير، بلا شك تحدث الجميع عن التجربة المؤثرة التي مرّوا بها مع الطلاب والطالبات في مشروع "التمييز الإيجابي".

 

في حديث مع الفنانة والمعلمة سحر كردوش سروجي، والتي هي جزء من طاقم المشروع، قالت:"يجب على الموسيقى أن تصل إلى كلّ الناس، حالها حال الخبز. نملك طاقات جميلة وقوية في مجتمعنا، إلا أنها تحتاج بالمقابل إلى تبني واستيعاب وبالتالي إلى التطوير. هذه المعادلة هي الصحيحة كي يتغير مجتمعنا إلى الأفضل، وهي لا علاقة لها بالعامل المادي. كلّ تغيير نطمح إليه في هذا المجتمع يجب أن يبدأ من عند الأطفال، بتوجيههم واستيعاب قدراتهم. الفنون هي لجميع الناس، والكلّ يستطيع أن يتطور من خلالها ويطورها، بالطبع هنالك من يطورها أكثر من غيره، إلا أنه بالنهاية هذا يُسمى تطور وهو بحدّ ذاته أمرٌ رائع".

 

عن حفل نهاية السنة الدراسية تضيف سحر كردوش سروجي:"كان في مجموعتي لآلة الفلوت 5 طلاب، جميعهم كان على المنصة يوم الأحد الماضي، استطاعوا كلهم خلال فترة قصيرة أن يتقدموا موسيقيًا. كان من المؤثر جدًا رؤيتهم وسماعهم-عملولي السنة كلها مش بس يومي!".
وتضيف:"لدينا طاقم مدرسين رائع، عطاؤهم يأتي من القلب. كل مؤسسة ثقافية وفنية هي بحدّ ذاتها عملٌ إيجابي. مؤسسة "بيت الموسيقى" هي مؤسسة غير تقليدية، تسعى دائمًا من خلال إدارتها وطاقهما في التوسع والبحث عن أفكار جديدة وبالتالي التقدم لإفادة مجتمعنا".

رافقت الطلاب والطالبات خلال السنة الدراسية، عاملة اجتماعية، وقد كانت تمحورت وظيفتها حول الإطلاع والمتابعة المهنية للصيرورة التعليمية والتربوية للطلاب في المشروع.
منار الياس، العاملة الاجتماعية، تحدثت عن مشروع "التمييز الإيجابي للأطفال" وطلابه:"كانت النتائج رائعة إضافة إلى تعاون أهالي الطلاب. أحد الطلاب كان يعاني من حالة الانطواء على الذات، لا أصدقاء له ولا أطر اجتماعية تحتضنه. منذ أن انضم إلى "بيت الموسيقى" تبلور لديه شعور بالانتماء تجاه هذا المكان. أكثر ما لاحظته خلال إحدى الورش الموسيقية كان تفاعله مع مجموعته، انطلاقته الحسّية والحركية وسعادته الملحوظة. صحيح أن هنالك طلاب لم يتقدموا موسيقيًا بشكل أو بآخر، إلا أن سعادتهم نبعت لمجرد وجود هذا المكان الذي يهتم ويعتني بهم، هذا البيت دافئ".

 

60 طالبة وطالبة، من المدارس الابتدائية المختلفة في شفاعمرو وعبلين، 60 قصة وأكثر لطلاب أثرت الموسيقى إيجابيًا على حياتهم، قصص بالطبع تستحق التوثيق بكافة جوانبها.
إحدى القصص هي قصة طالب من الصف الثالث ابتدائي، والده عاطل عن العمل، بدأ تعلم العزف على آلة القانون، الطالب خجول جدًا خاصة في المدرسة. في يوم من الأيام جاءت والدته إلى "بيت الموسيقى"، تحدثت إلينا وقالت:"منذ أن بدأ ابني بأخذ دروسًا في الموسيقى، أصبحت ثقته بنفسه أكبر وشعوره بالفخر تجاه ما يتعلم يزداد يومًا بعد يومًا، خاصة عندما رأى طلاب في جيله يعزفون على المنصة في بداية السنة الدراسية".

 

بعد انتهاء الحفل الموسيقي، تحدث رئيس بلدية شفاعمرو، السيد ناهض خازم إلى الجمهور قائلاً:"هذا المشروع هو بمثابة نهضة ثقافية مباركة. الموسيقى تُربى جيلاً غير عنيف، وكلّ من يتعامل مع الموسيقى لا يمكن أن يكون عنيفًا. نحن كمجلس بلدي نشعر أن هنالك تغييرات ملموسة على أرض الواقع، ومن الواضح أهمية المشروع حيث ساهم في تغيير سلوكيات البعض وترسيخ ثقافة التسامح".
ويضيف:"سوف نجتمع قريبًا أعضاء البلدية مع إدارة بيت الموسيقى كيّ نبحث سويةً كيفية الاستمرار بالتعاون، تكثيف ودعم مثل هذه المشاريع".

من الجدير بالذكر أن حفل نهاية السنة الدراسية 2010/2010 لطلاب مشروع "التمييز الإيجابي للأطفال" والذي أقيم في قاعة كونسرفتوار "بيت الموسيقى" اشترك فيه معظم الطلاب وقدموا مقطوعات موسيقية شرقية وغربية.